البورصة القطرية في 2025: نمو مستدام وسط تحديات السوق العالمية




 تشهد بورصة قطر، والتي تُعرف بـ(QE)، أداءً إيجابيًا ومستقرًا خلال العام 2025، مع استمرار تعافي الأسواق المحلية من تداعيات الأزمات الاقتصادية العالمية والتوترات الجيوسياسية التي أثرت على الأسواق الناشئة في السنوات الماضية. ورغم الأجواء غير المستقرة في الاقتصاد العالمي، استطاعت بورصة قطر أن تحافظ على مكاسبها بفضل السياسات الحكيمة التي اتبعتها هيئة قطر للأسواق المالية، ودعمها المستمر للشركات المدرجة، بالإضافة إلى تدفق السيولة من المستثمرين المحليين والأجانب على حد سواء.

حسب أحدث البيانات، سجل مؤشر بورصة قطر ارتفاعًا نسبته حوالي 7% منذ بداية العام، وسط زيادة ملحوظة في حجم التداولات اليومية التي تجاوزت متوسط 300 مليون ريال قطري، ما يعكس اهتمامًا متزايدًا من جانب المستثمرين تجاه السوق القطري. ويعزو محللون هذه الزيادة إلى تعافي القطاعات الاقتصادية الحيوية في قطر، خاصة القطاعات المالية والعقارية والطاقة، والتي تشكل جزءًا كبيرًا من القيمة السوقية للشركات المدرجة.

في تصريحات خاصة، قال السيد عبد الله الكواري، نائب رئيس هيئة قطر للأسواق المالية، إن "الهيئة عملت خلال الفترة الماضية على تحديث الأطر التنظيمية لتتماشى مع أفضل الممارسات العالمية، ما ساهم في زيادة شفافية السوق وجاذبيتها للمستثمرين الأجانب." وأضاف أن "قطر تسعى لتعزيز موقعها كمنصة مالية إقليمية تنافسية من خلال تسهيل إجراءات الإدراج، وتحسين حوكمة الشركات، ودعم الشركات الناشئة للاستفادة من فرص التمويل في السوق المحلية."

ومن أبرز التطورات في بورصة قطر خلال العام الحالي، إدراج عدة شركات جديدة من قطاعات متعددة منها التكنولوجيا والخدمات، بالإضافة إلى صفقات استحواذ وتحالفات استراتيجية بين شركات مدرجة وشركات دولية، مما يضفي مزيدًا من الحيوية على السوق. كما أن التوجهات نحو الاستدامة والاقتصاد الأخضر بدأت تلعب دورًا متزايدًا في قرارات الاستثمار، حيث أطلقت بعض الشركات تقارير أداء بيئية واجتماعية وحوكمة (ESG)، مما جذب فئات جديدة من المستثمرين الذين يهتمون بالاستثمار المسؤول.

ومع ذلك، لا تخلو الأجواء من تحديات، إذ يتأثر السوق القطري إلى حد ما بتقلبات أسعار النفط والغاز في الأسواق العالمية، خاصة مع الضغوط التي تواجهها الاقتصادات الكبرى في تحقيق التوازن بين النمو الاقتصادي والتحول للطاقة النظيفة. كما تواجه البورصة تحديات تتعلق بارتفاع التضخم وتأثيره على القوة الشرائية للمستهلكين، ما قد ينعكس على أرباح الشركات في بعض القطاعات.

الخبير الاقتصادي الدكتور فهد الهاجري من جامعة قطر يرى أن "بورصة قطر أظهرت قدرة ملحوظة على التكيف مع المتغيرات الاقتصادية العالمية، وذلك بفضل التدخلات الحكومية الذكية التي توفر بيئة استثمارية مستقرة." وأضاف أن "التحدي الأكبر يكمن في استمرارية التنوع الاقتصادي داخل البورصة، عبر جذب شركات من قطاعات غير تقليدية مثل التكنولوجيا والابتكار، مما يقلل الاعتماد على القطاعات المرتبطة بالطاقة."

كما لفت إلى أهمية زيادة الوعي بين المستثمرين المحليين حول فرص الاستثمار في الشركات الصغيرة والمتوسطة، التي يمكن أن تلعب دورًا حيويًا في دعم النمو الاقتصادي الوطني وتوفير فرص عمل جديدة.

على صعيد ردود الفعل، عبر عدد من المستثمرين الأجانب عن رضاهم عن الشفافية والتطورات التنظيمية في السوق القطري، وأكدوا نيتهم في زيادة استثماراتهم خلال الفترة القادمة. وفي المقابل، أبدى بعض المستثمرين المحليين حرصهم على تطوير أدوات التمويل المتاحة، خصوصًا تلك التي تسهل المشاركة في الأسهم بمدخرات أقل، مثل الصناديق الاستثمارية وصناديق المؤشرات.

إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال