تراجع البورصة السعودية وسط ترقب قرارات البنوك المركزية العالمية


سجلت الأسواق المالية الخليجية، وفي مقدمتها سوق الأسهم السعودية، أداءً متقلبًا اليوم في ظل ضغوط متعددة فرضتها التطورات الاقتصادية العالمية، وحالة الترقب التي تسيطر على المستثمرين بانتظار إشارات أوضح من البنوك المركزية الكبرى بشأن مسار السياسة النقدية خلال المرحلة المقبلة. وجاء تراجع المؤشر العام للسوق السعودية مدفوعًا بعمليات بيع طالت عددًا من الأسهم القيادية، خصوصًا في قطاعات البنوك والطاقة والمواد الأساسية، وسط أحجام تداول تعكس حذر المتعاملين أكثر من كونها موجة خروج جماعي من السوق.

ويرى محللون أن هذا الأداء لا يعكس ضعفًا في أساسيات السوق بقدر ما يعبر عن حالة ترقب مؤقتة، حيث قال محلل أسواق المال خالد العتيبي إن «السوق تمر بمرحلة إعادة تقييم، في ظل عوامل خارجية أبرزها تحركات أسعار النفط، وتغير توقعات أسعار الفائدة عالميًا، وهو ما يدفع المستثمرين إلى تقليص المخاطر على المدى القصير».

 وأضاف أن «الاقتصاد السعودي لا يزال مدعومًا بإنفاق حكومي قوي ومشروعات استراتيجية، لكن الأسواق المالية بطبيعتها تتفاعل سريعًا مع الأخبار العالمية».

وتزامن هذا التراجع مع انخفاض أسعار النفط في الأسواق العالمية، ما ألقى بظلاله على معنويات المستثمرين في المنطقة، خاصة أن عوائد الطاقة تمثل عنصرًا محوريًا في اقتصادات الخليج.

 وأوضح الخبير الاقتصادي فهد الشمري أن «أي تراجع في أسعار النفط، حتى وإن كان مؤقتًا، ينعكس نفسيًا على أسواق الأسهم الخليجية، رغم أن كثيرًا من الدول باتت أكثر تنوعًا في مصادر دخلها مقارنة بالسنوات الماضية». وأشار إلى أن «القلق الحالي يرتبط بتباطؤ محتمل في الطلب العالمي، وليس بعوامل محلية بحتة».

وعلى مستوى البورصات الخليجية الأخرى، اتجه الأداء إلى التباين، حيث مالت بعض الأسواق إلى التراجع الطفيف، بينما تمكنت أخرى من الحد من خسائرها بدعم من أسهم دفاعية أو نتائج مالية إيجابية لبعض الشركات.

 وقال متعاملون إن الأسواق تعاني من ضعف السيولة نسبيًا، في انتظار محفزات جديدة تعيد الزخم، سواء من خلال نتائج أعمال الشركات أو وضوح أكبر في المشهد الاقتصادي العالمي.

أما عالميًا، فإن الأنظار تتجه إلى البنوك المركزية الكبرى، وعلى رأسها الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي والبنك المركزي الأوروبي، وسط توقعات بأن المرحلة المقبلة قد تحمل تحولات تدريجية في السياسات النقدية بعد فترة طويلة من التشديد.

 وفي هذا السياق أعلن مدير محافظ استثمارية إقليمي إن «الأسواق تعيش حالة شد وجذب بين التفاؤل بقرب خفض أسعار الفائدة، والقلق من أن يبقى التضخم عند مستويات أعلى من المستهدف لفترة أطول، وهو ما يفسر حالة التذبذب الحالية».

وردود فعل المستثمرين عكست هذا التباين، حيث فضل بعضهم التوجه إلى جني الأرباح والاحتفاظ بالسيولة، في حين رأى آخرون أن التراجعات الحالية تمثل فرصًا انتقائية لبناء مراكز استثمارية طويلة الأجل، خاصة في الشركات ذات الأساسيات القوية والتوزيعات المستقرة. وأكد أحد المستثمرين الأفراد أن «السوق لا تزال جذابة على المدى المتوسط، لكننا نفضل التريث وانتظار مستويات أكثر وضوحًا قبل زيادة الاستثمارات».


إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال