تسيطر حالة من الترقب والحذر على الأسواق المالية العالمية مع اقتراب اجتماعات حاسمة للبنوك المركزية الكبرى، في وقت تتداخل فيه إشارات تباطؤ النمو مع استمرار الضغوط التضخمية في عدد من الاقتصادات المتقدمة. وجاءت تحركات الأسواق محدودة النطاق، مع ميل المستثمرين إلى تقليص مراكزهم عالية المخاطر، انتظارًا لما ستسفر عنه قرارات السياسة النقدية خلال الفترة المقبلة.
ويرى محللون أن المرحلة الحالية تمثل نقطة مفصلية في مسار السياسات النقدية العالمية، حيث قال الخبير الاقتصادي الدكتور سامي القحطاني إن «الأسواق لم تعد تتحرك فقط بناءً على القرارات الفعلية، بل على نبرة الخطاب الصادر عن البنوك المركزية، وأي إشارة إلى استمرار التشديد أو التحول نحو التيسير». وأضاف أن «الغموض القائم يرفع من مستوى التذبذب ويجعل ردود الفعل سريعة أحيانًا ومبالغًا فيها».
وفي الولايات المتحدة، يترقب المستثمرون موقف الاحتياطي الفيدرالي من أسعار الفائدة، وسط انقسام في التوقعات بين من يرجح تثبيت الفائدة لفترة أطول، ومن يرى أن تباطؤ بعض المؤشرات الاقتصادية قد يفتح الباب أمام خفض تدريجي خلال الأشهر المقبلة. وأشار مدير استثمارات في إحدى المؤسسات المالية العالمية إلى أن «الفيدرالي يسير على خيط رفيع بين السيطرة على التضخم وعدم دفع الاقتصاد نحو ركود أعمق، وهو ما ينعكس مباشرة على أداء الأسهم والسندات».
أما في أوروبا، فإن الصورة لا تبدو أقل تعقيدًا، حيث يواجه البنك المركزي الأوروبي تحديات مزدوجة تتمثل في ضعف النمو وارتفاع تكاليف المعيشة. وأكد محللون أن أي تغيير في السياسة النقدية الأوروبية ستكون له انعكاسات مباشرة على أسواق العملات والأسهم، خاصة في الاقتصادات الناشئة المرتبطة تجاريًا بالاتحاد الأوروبي.
ردود فعل المستثمرين جاءت متباينة، إذ اتجهت بعض المحافظ الاستثمارية إلى زيادة الانكشاف على السندات وأدوات الدخل الثابت، في حين فضل آخرون الاحتفاظ بالسيولة أو التوجه إلى أصول توصف بأنها ملاذات آمنة مثل الذهب. وقال مستثمر دولي إن «المرحلة الحالية لا تناسب القرارات المتسرعة، بل تتطلب إدارة مخاطر دقيقة وانتقاء فرص استثمارية بعناية».