عاد ملف التضخم العالمي إلى الواجهة مع تسجيل ارتفاعات متفاوتة في أسعار السلع والخدمات بعد فترة من الاستقرار النسبي، ما زاد من الضغوط على المستهلكين وأعاد التحديات أمام الحكومات والبنوك المركزية في آن واحد. وجاء هذا التطور في وقت تحاول فيه اقتصادات كبرى تحقيق توازن دقيق بين دعم النمو الاقتصادي والحفاظ على استقرار الأسعار.
ويرى اقتصاديون أن موجة التضخم الحالية تختلف عن سابقاتها، حيث قال الخبير الاقتصادي الدكتور ناصر الحربي إن «الارتفاعات الأخيرة لا تعود فقط إلى عوامل نقدية، بل تتأثر بسلاسل الإمداد، وتكاليف الشحن، وتقلبات أسواق الطاقة والغذاء». وأضاف أن «هذا النوع من التضخم يصعب التعامل معه عبر أدوات السياسة النقدية التقليدية وحدها».
وانعكست هذه الضغوط بشكل مباشر على سلوك المستهلكين، إذ اتجه كثيرون إلى تقليص الإنفاق غير الضروري، والتركيز على السلع الأساسية، في محاولة للتكيف مع ارتفاع تكاليف المعيشة.
وأشار محللون إلى أن هذا التغير في أنماط الاستهلاك قد يؤثر على أرباح الشركات، خصوصًا في القطاعات المرتبطة بالسلع الكمالية والخدمات.
من جانبها، تواجه الحكومات ضغوطًا متزايدة للتدخل عبر حزم دعم أو سياسات تخفيفية، إلا أن قدرتها على التحرك تبقى مقيدة بمستويات الدين العام والحاجة إلى ضبط الميزانيات. وقال مسؤول اقتصادي سابق إن «أي توسع كبير في الإنفاق الحكومي قد يخفف الضغط على المدى القصير، لكنه قد يغذي التضخم مجددًا إذا لم يكن مدروسًا بعناية».
أما البنوك المركزية، فتجد نفسها أمام خيارات صعبة، إذ إن تشديد السياسة النقدية قد يحد من التضخم لكنه يهدد بإبطاء النمو ورفع معدلات البطالة، في حين أن التراخي قد يؤدي إلى فقدان السيطرة على الأسعار.