شهدت أسواق العملات العالمية حالة من التذبذب الواضح خلال الفترة الأخيرة، في ظل تباين توجهات السياسات النقدية بين الاقتصادات الكبرى، ما انعكس على أسعار الصرف وأثار تحديات إضافية أمام الشركات العاملة عبر الحدود. وجاءت هذه التحركات نتيجة اختلاف وتيرة التعافي الاقتصادي، وتباين توقعات أسعار الفائدة بين الولايات المتحدة وأوروبا وآسيا.
ويرى محللون أن قوة بعض العملات مقابل أخرى لا تعكس بالضرورة متانة الاقتصاد بقدر ما تعكس فروقات العوائد المالية، حيث قال محلل أسواق النقد عبد الله الرشيد إن «المستثمرين يوجهون أموالهم نحو العملات ذات العائد الأعلى، حتى وإن كانت المخاطر الاقتصادية قائمة، وهو ما يخلق تحركات حادة في أسواق الصرف». وأضاف أن «هذا الوضع يضغط على الدول ذات العملات الأضعف ويزيد تكلفة الواردات لديها».
وانعكست هذه التقلبات على الشركات العالمية، خصوصًا تلك التي تعتمد على سلاسل توريد دولية أو تحقق جزءًا كبيرًا من إيراداتها بعملات مختلفة.
حيث وأشار خبراء إلى أن تقلب أسعار الصرف يؤثر على هوامش الأرباح، ويدفع الشركات إلى استخدام أدوات التحوط بشكل أكبر لتقليل المخاطر المالية.
أما الاقتصادات الناشئة، فقد واجهت ضغوطًا إضافية مع خروج بعض رؤوس الأموال بحثًا عن عوائد أعلى في الأسواق المتقدمة، ما زاد من تقلب عملاتها ورفع كلفة خدمة الديون الخارجية. وقال اقتصادي إقليمي إن «العملات في هذه الدول أصبحت أكثر حساسية لأي تغيير في لهجة البنوك المركزية الكبرى».
وردود فعل البنوك المركزية جاءت متفاوتة، حيث لجأ بعضها إلى التدخل في أسواق الصرف أو تعديل أدوات السياسة النقدية للحد من التقلبات، بينما فضلت أخرى ترك العملات تتحرك وفق آليات السوق. وأكد محلل نقدي أن «التدخل قد يهدئ الأسواق مؤقتًا، لكنه لا يعالج الأسباب الهيكلية للتذبذب».